عالمية

جدل في فرنسا حول توجيهات تمييزية تستهدف الأجانب: انتهاك للحقوق أم تدابير أمنية مشروعة؟

تصاعدت في فرنسا موجة جدل جديد حول توجيهات صادرة عن السلطات الإدارية، تُتهم بتشجيع التصنيف التمييزي للأجانب، بما في ذلك أولئك الذين في وضع قانوني. وقد تقدمت عدة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان إلى القضاء، منددة بتطور مقلق في ممارسات الشرطة في منطقة “سين-سان-دوني”.

ووفقاً لما كشفه كل من “باريزيان” و”ميديا ليه جور”، فإن استمارة إرشادية وزعت على قوات الأمن تحث الضباط على جمع معلومات مفصلة بشكل منهجي عن الأجانب الموقوفين: السجلات الجنائية، البيانات البيومترية، نوع تصريح الإقامة، أو حتى الجنسية الأصلية. واعتبرت “رابطة حقوق الإنسان” (LDH) وثلاث منظمات أخرى هذه الممارسات “غير قانونية وتمييزية”، وقد تقدمت بدعوى استعجالية أمام المحكمة الإدارية في مونتروي.

رئيسة “رابطة حقوق الإنسان”، ناتالي تيّو، انتقدت سياسة “إجرام الأجانب” وأعربت عن قلقها من التطورات المحتملة قائلة: “يمكن لهذه الاستمارات أن تؤدي إلى عدم تجديد تصريح الإقامة بناءً على مجرد شكوك، دون إجراء قضائي أو إدانة سابقة”. واعتبرت أن هذه الاستراتيجية تمثل انزلاقاً نحو التمييز المؤسسي.

وتتزامن هذه الحملة مع قرار مشابه أصدرته المحكمة الإدارية في نانت بتاريخ 4 أبريل الماضي، حيث قامت المحكمة بتعليق مذكرة داخلية صادرة عن محافظة “لوار-أتلانتيك”، التي كانت تسمح بجمع بيانات عن الأجانب المعتقلين، ما أدى أحياناً إلى فقدانهم تصريح الإقامة. ويأمل المدافعون عن الحقوق أن تؤكد المحكمة في مونتروي نفس السوابق القضائية.

كما أن محافظة “أوت دو سين” تحت الأضواء هي الأخرى، بعدما فرضت “اختبارات مفاجئة” على المهاجرين غير الشرعيين خلال إجراءات التسوية. وتعتبر هذه الاختبارات مهينة، حيث تتوقف نتائجها على منح تصريح الإقامة. وتبرر السلطات هذه الطريقة بحاجتها لتقييم مدى التزام الأجانب بـ”القيم الجمهورية”، إلا أن المنظمات غير الحكومية تنتقد هذا التصنيف باعتباره اعتباطياً وغير موضوعي.

تحدث هذه الممارسات في سياق سياسي يشهد تشدداً عاماً، بعد إقرار قانون الهجرة الجديد الذي قاده وزير الداخلية جيرالد دارمانين. وفي هذا المناخ المشحون، تركزت الانتقادات أيضاً على وزير الداخلية برونو ريتايو، الذي يُعتقد أن التوجيهات الإدارية المثيرة للجدل قد استُلهمت من تعميمه المثير للجدل.

بالنسبة للدفاع عن الحقوق الأساسية، فإن هذه التدابير تعد خيانة لمبادئ دولة القانون وتعزز من انعدام الثقة في المؤسسات. ويحثون على التنبه للتحولات الأمنية التي، تحت غطاء مكافحة المخالفات القانونية، تنال من الحريات الفردية لآلاف المقيمين الأجانب، وقد تهدد في النهاية أسس المواطنة في فرنسا.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى