عالمية

ماذا وراء تصاعد دعوات مقاطعة المنتجات الأمريكية في فرنسا ؟

أثارت تزايد دعوات مقاطعة المنتجات الأميركية في فرنسا جدلاً واسعاً على المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، في ظل تراجع شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين الفرنسيين وتنامي الشعور بالابتعاد عن القيم المشتركة بين البلدين. وقد انعكس هذا التغير في المزاج الشعبي من خلال تصريحات بعض السياسيين الفرنسيين، حيث طالب أحد النواب بإعادة تمثال الحرية، الذي أهدته فرنسا للولايات المتحدة عام 1886، معتبراً أن رمزيته لم تعد تتماشى مع قيم أميركا اليوم في ظل عودة ترامب إلى الرئاسة.

استطلاع رأي يكشف تراجع التقارب القيمي

وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد “إيفوب” الفرنسي، فإن 26% فقط من الفرنسيين يرون أن هناك تقاربًا في القيم بين فرنسا وأميركا في ظل إدارة ترامب، مقارنة بنسبة 49% في عام 2004، مما يشير إلى تراجع واضح في التقارب القيمي بين البلدين. كما أظهر الاستطلاع أن 25% فقط من الفرنسيين يؤيدون ترامب، في حين كان الرئيس السابق باراك أوباما يتمتع بتأييد 65% عام 2010، مما يعكس انخفاضاً في شعبية ترامب بنحو 40 نقطة.

انتشار حملة المقاطعة بين مختلف التيارات السياسية

إلى جانب عدم الرضا العام، أيد 62% من الفرنسيين مقاطعة المنتجات الأميركية، بينما يقوم واحد من كل ثلاثة فرنسيين بمقاطعة منتج أميركي واحد على الأقل. اللافت أن تأييد المقاطعة تجاوز الانقسامات الحزبية التقليدية، إذ تحظى بشعبية بين ناخبي اليسار بنسبة 72%، وتدعمها نسبة 65% من ناخبي يمين الوسط، وحتى بين أنصار أقصى اليمين تصل إلى 49%.

أبرز العلامات التجارية المستهدفة بالمقاطعة

وتصدرت ثلاث علامات تجارية أميركية قائمة المنتجات المستهدفة بالمقاطعة، وهي تسلا وكوكا كولا ومكدونالدز، باعتبارها رموزاً للاستهلاك الجماعي الأميركي. وقد خصصت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية صفحتها الأولى لهذا الموضوع بعنوان: “تسلا ومكدو وكوكا.. المقاطعة رائجة”. كما استمرت مقاطعة شركة تسلا في عدة دول أوروبية، حيث اتهم متظاهرون أمام مقر الشركة في باريس مالكها إيلون ماسك ودونالد ترامب بتدمير الديمقراطية الأميركية، ودعوا إلى عدم شراء سيارات تسلا كوسيلة للضغط الاقتصادي.

الفئات الأكثر دعماً لحملة المقاطعة

وأشار مدير استطلاعات الرأي في مركز “إيفوب” إلى أن من يقود حملة المقاطعة هم المستهلكون الأكبر سناً والأغنى والأكثر تعليماً، وهي فئات تنفق عادة أكثر وتؤثر في سلوك السوق بشكل عام.

استمرار الجدل حول جدوى المقاطعة

ورغم تراجع شعبية ترامب، فإن الجدل حول المقاطعة ما زال مستمراً، حيث انقسمت الآراء حول فعاليتها. فبينما يرى البعض أنها وسيلة للتعبير عن رفض السياسات الأميركية، يعتقد آخرون أنها قد تؤدي إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية وزيادة التكاليف على المستهلكين.

العوامل السياسية والاقتصادية وراء المقاطعة

من أبرز العوامل التي عززت تأييد المقاطعة في فرنسا المواقف السياسية لترامب التي أغضبت الأوروبيين، وعلى رأسها موقفه من أوكرانيا وتخفيض الدعم لكييف، إضافة إلى تهديداته بالاستحواذ على غرينلاند. كما أن تهديداته بفرض رسوم جمركية إضافية على أوروبا وكندا أثارت مخاوف الفرنسيين من تأثير سياساته على الاقتصاد العالمي، مما زاد من الميل نحو المقاطعة كوسيلة احتجاجية.

مستقبل المقاطعة والعلاقات التجارية بين فرنسا وأمريكا

في ظل هذه التطورات، يبقى التساؤل قائماً حول مدى تأثير حملة المقاطعة على العلاقات التجارية بين فرنسا والولايات المتحدة، وهل ستؤدي إلى تغييرات حقيقية في السياسات الاقتصادية بين البلدين، أم أنها ستظل مجرد موجة عابرة تعكس الاستياء الشعبي من التوجهات السياسية الأمريكية ؟

ياسين العطوي

Recent Posts

ماكرون يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأربعاء في باريس

أعلنت الرئاسة الفرنسية، يوم الثلاثاء 6 ماي، لوكالة الأنباء الفرنسية (AFP) أن الرئيس السوري أحمد…

شهر واحد ago

رئيس الجمهورية : وجب فتح باب الانتدابات بعد تخليص الإدارة ممّن تسلّلوا إليها (فيديو)

رئيس الجمهورية : وجب فتح باب الانتدابات بعد تخليص الإدارة ممّن تسلّلوا إليها (فيديو)

شهر واحد ago

يهم الأندية التونسية…توضيح بخصوص إمكانية زيادة عدد المشاركين في المسابقات الإفريقية خلال الموسم المقبل

نَفى مصدر مسؤول داخل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) بشكل قاطع ما تم تداوله مؤخرًا…

شهر واحد ago

السجن لرجل الأعمال يوسف ميموني لمدة سنتين نافذتين

أصدرت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي لدى المحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الثلاثاء، حكمًا…

شهر واحد ago

4.5 مليار دينار إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج إلى موفى أفريل

ارتفعت العائدات السياحية بنسبة 6.7 بالمائة لتصل إلى 1920 مليون دينار إلى غاية تاريخ 30…

شهر واحد ago

علم النفس: 50 تأكيداً إيجابياً لتقوية ذاكرتك الذهنية كل يوم

نؤثر في أنفسنا يومياً، من دون أن ننتبه، من خلال العبارات التي نكررها في أذهاننا.…

شهر واحد ago