تواصل تونس جهودها لتنويع مصادر التمويل، سواءٌ على المستوى الإقليمي والدولي، إضافة إلى مساعيها الدؤوبة الرامية للاعتماد على مواردها الذاتية، في ظل رفضها املاءات بعض الجهات المالية الدولية الدائنة للحصول على تمويلات تحت عنوان دعم الميزانية والقيام بتعديلات اقتصادية محددة.
وواكب تحسن التصنيف السيادي للقطاع المالي الوطني من قبل عدد من وكالات الترقيم الائتماني، تطور الأداء الاقتصادي للسلطات المالية في ظل حرصها على تنويع مصادر التمويل، سواء على المستوى الإقليمي والعالمي، بالإضافة إلى مساعيها الرامية للاعتماد على مواردها وإمكانياتها الذاتية عبر سياسات وبرامج إصلاحية شاملة.
تراجع الاقتراض الخارجي
في هذا الصدد، تراجع الاقتراض الخارجي من 2757.9 مليون دينار خلال النصف الأول من العام 2023 الى 1097.9 مليون دينار أواخر جوان الفارط، مما يعني تسجيل انخفاض بقيمة 1660.9 مليون دينار وبنسبة 151.4 بالمائة، وذلك وفقا لآخر المعطيات المتعلقة بتنفيذ ميزانية الدولة نهاية جوان 2024 والمنشورة بموقع وزارة المالية.
وتبين ذات المعطيات ارتفاع قيمة تسديد القروض الخارجية بين جوان 2023 وجوان 2024 من 1777.5 مليون دينار الى 5488.5 مليون دينار، ليصل بذلك رصيد التمويل الخارجي الصافي الى – 4391.5 مليون دينار بعنوان السداسي الأول من هذه السنة، حسب بيانات الوزارة الواردة في مذكرة تنفيذ الميزانية للفترة المذكورة.
وقد اتى هذا التغير، في إطار تقلص ملحوظ لمناب الدين الخارجي للبلاد من القائم الإجمالي للدين العمومي، ففي اواخر جوان الفارط وفي سابقة منذ الثورة، تظهر البيانات الإحصائية المالية ان هذا المناب أصبح يمثل قسما أقل من نصف قائم الدين العمومي بشكل عام وذلك بنسبة تناهز 48.9 بالمائة في حين وصلت هذه النسبة الى اعلى مستوياتها في أواخر جوان من سنة 2019 عند 70.7 بالمائة.
وتبين مذكرة وزارة المالية لمتابعة تنفيذ ميزانية الدولة بعنوان النصف الأول من العام الحالي أن قائم الدين العمومي شهد زيادة بنسبة 6.5 بالمائة ليبلغ 127.4 مليار دينار، وهو اقل معدل زيادة منذ الجائحة الصحية. ويرجع هذا المنحى التنازلي بالأساس إلى انخفاض الدين الخارجي، الذي تراجع في جوان 2024، بنسبة 9.1 بالمائة مقارنة بذات الفترة من سنة.2023
تعويل مطرد على الموارد الذاتية
ونجحت البلاد في سداد أقساط الديون المستحقة عليها دون الحصول على ديون جديدة، إضافة إلى تأكيدات متواصلة على احترام جميع التزاماتها تجاه المؤسسات المانحة الإقليمية والدولية.
هذا وسجلت الفترة الأخيرة تراجعا ملحوظا للتضخم وتحسنا نسبيا لسعر صرف الدينار مقابل الدولار واليان الياباني، وهما عملتا التداين الرئيسيتين وسط تمكن البلاد من الإيفاء بكافة القروض الخارجية والداخلية والحفاظ على مستوى آمن من احتياطي النقد الأجنبي.
وفي ضوء عدة إجراءات لدعم تماسك المالية العمومية ورغم التحديات المطروحة على صعيد سداد الديون لهذا العام، تبقى البلاد مؤمنة على مستوى مستقبل سعر صرف الدينار ومعدلات التضخم خلال المدى القصير والمتوسط، وهو ما تؤكده عديد التقارير المحلية والدولية.
ويفسر هذا الاستقرار المالي المحقق بجهود الدولة لمزيد التعويل على الموارد الذاتية خلال العام الجاري من خلال توفير عائدات مالية لخزينة الدولة وتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، وذلك عبر إدماج العاملين في القطاع الموازي ومقاومة التهرب الضريبي، بشكل خاص، على الرغم مما تمثله الديون من تحد قوي هذه السنة، في ضوء استحقاق سداد ما يعادل 12 مليار دينار، بزيادة 40 بالمائة عن 2023 علما ان البلاد نجحت في سداد كل ديونها المستحقة عن العام الماضي، والتي كانت في حدود 11.714 مليار دينار، وفقاً بيانات وزارة المالية. كما سددت البلاد منذ بداية هذا العام والى غاية 20 اوت الجاري -دون تسجيل أي تعثر او جدولة -حوالي 9989.9 مليون دينار مما يمثل 81.1 بالمائة من قيمة الديون الخارجية المستحقة للعام 2024.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات